الفصل الثاني :العلوم المساعدة
ليس المقصود من ذلك كله التوسع في كل هذه النواحي لذاتها إذا إن هذا أمر فوق طاقات البشر المقصود أن ينال ما يلزم بحسب طبيعة الموضوع |
أن العلوم المساعدة تختلف وتتفاوت بالنسبة لدارس التاريخ باختلاف العصر أو الناحية التي يرغب في دراستها او الكتابة عنها فالعلوم المساعدة لدراسة تاريخ اليونان القديم تختلف عن العلوم المساعدة الضرورية لدراسة عصر النهضة أو تاريخ الثورة الفرنسية أو تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية
+اللغات من أهم العلوم المساعدة التي ينبغي أن يتزود بها الباحث في التاريخ لان الترجمات التي تكفي لتحصيل الثقافة العامة لا تفي حاجة المؤرخ الباحث عن حقائق الوقائع فمثلا الراغب في دراسة تاريخ الكنيسة حتى في العصر الحديث يلزمه دراسة اللغة اللاتينية وتاريخ الثورة الفرنسية اللغة الفرنسية
ربما تبدو مسألة دراسة اللغات الأصلية أمر عسير قد تجعل أشجع الناس يتردد في الإقدام على دراستها ,ولكنها أساسية لمن يرغب في دراسة التاريخ وكتابته وإن دراسة سنتين في إحدى اللغات الجديدة كافية كأساس مبدئي يستمر بعدها في المزيد ويا حبذا لو أمكنه قضاء بعض الزمن وفي فترات متتابعة في بلد تلك اللغة
+الفيلولوجيا(philology ) فقه اللغة
تزداد أهمية الفيلولوجيا,كلما بعد العصر الذي يدرس,فكثير ما تدل الألفاظ على معاني نسبية متغيرة فقد تدل على معني عند الكتابة ومعني عند التحدث وهناك معاني تختلف باختلاف فئة الكاتب فرجل الدين غير العامة غير الطبقة الحاكمة لكل ناطق معنى يقصده.
+علم قراءة الخطوط ( ( PALEOGRAPHY
فكثير من الخطوط تبقى كالطلاسم حتى يتعلمها الباحث ويتدرب على قراءتها
فمثلا يوجد خط عربي يسمى القيرمه كانت تكتب به في الدولة العثمانية في الدواوين الحكومية وهو خط معقد يكتب في حيز ضيق جدا ويصعب قرائته للحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالدولة وهو مازال للغز لدى كثير من الباحثين
+علم الوثائق ألدبلومات (DIPLOMATICS) الوثائق هي كل الأصول التي تحتوي على معلومات تاريخية ,ولكنها في المعنى الدقيق الذي اصطلح عليه الباحثون في التاريخ هي الكتابات الرسمية أو شبه الرسمية
مثل الأوامر والقرارات والمعاهدات والاتفاقيات والمراسلات السياسية والمذكرات الشخصية واليوميات
وإلمامه ببعض الوسائل العلمية لفحص الخط والحبر والورق التي تمكنه من معرفة عمر الورق وكل هذه الوسائل تساعد الباحث علي التثبت من صحة الوثائق أو بطلانها.
ويتصل بالوثائق دراسة الأختام المعدنية التي تمهر بها وهي ظلت تستخدم عند بعض الأسرات الحاكمة حتى أزمنة حديثة
+علم الرنوك(HERALDRY) وهي الشعر أو العلامات المميزة التي تظهر على الأختام أو ملابس الجنود أو الأعلام ومن هذه العلامات الكأس السيف والدواة والنسر والهلال ,وصارت مرتبطة بأشخاص حامليها وذات حقوق قانونية ووراثية.
+علم الميات أو النومات(NUMISMATICS)أي علم النقود و المسكوكات فالعملة والأنواط كمثال لأهميتها كان هناك جماعات ذات كيان سياسي خاص مكنها من أن تسك عملتها ولم يعرف وجود هذه الجماعات إلا عن طريق عملتها التي حفظها التاريخ من الضياع
+الجغرافيا مما يوضح لنا أثر الجغرافيا من تدخلها أحيانا تدخلا حاسما في تغيير مجرى التاريخ فمثلا سهول روسيا الشاسعة وشتائها شديد البرودة أدت إلي هزيمة نابليون وإخفاق حملته عليها سنة1812 وكذلك الحال مع هتلر سنة 1941 وبالنظر على قيام حضارات النيل وما ترتب عليه من قيام الحضارة المصرية على ضفافه.
+الاقتصاد
إن الاقتصاد من العوامل الأساسية ذات أثر فعال في سير التاريخ فمستوى الرخاء أو الفقر يؤثر في نظام الحكم وعلاقات طوائف بعضها ببعض ونهوض الحضارة وتدهورها ومستوى قوتها العسكرية علاقتها بالدول المحيطة ومن أمثلة حملة نابليون على مصر التي كانت من أهدافها تهديد مركز انجلترا الاقتصادي في الهند
+الأدب
فالأدب هو مرآة العصر يصور حياة الناس في المدينة والريف في نظم الحكم والأحوال الاقتصادية والعلم والفن والحرب والسلام الإنسان حلم وأمنية كل هذا يصوره الأدب ويخلده
+الإلمام بنواح من فنون الرسم والتصوير والنحت والعمارة فجميعها تعكس صورا دقيقة من حياة تلك البلاد
كما ينبغي إن يكون على إطلاع بكتابات المؤرخين القدامى هيرودوت والطبري وابن خلدون وغيرهم الكثير وان يكون على معرفة بعلم الأجناس وعلم الاجتماع ومن القانون وعلم الإحصاء وعلم النفس والرياضيات والنظريات السياسية ومن الأمور ألازمة للباحث التاريخي ألا يلزم حدود بلده بل ينبغي عليه السفر والترحال داخل بلده وخارجها لا في سبيل البحث التاريخي ذاته ومن الضروري إن يقضي مدة في البلد التي يدرس تاريخها.